responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الكمال بن الهمام    جلد : 3  صفحه : 184
كِتَابُ النِّكَاحِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُتَبَاكِيًا مُتَحَسِّرًا عَلَى فِرَاقِ الْحَضْرَةِ الشَّرِيفَةِ النَّبَوِيَّةِ وَالْقُرْبِ مِنْهَا.
وَمِنْ سُنَنِ الرُّجُوعِ أَنْ يُكَبِّرَ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنْ الْأَرْضِ وَيَقُولَ «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ. وَنَصَرَ عَبْدَهُ. وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ» . وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص: 88] . وَلْيَحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ مِمَّا يَصْدُرُ مِنْ بَعْضِ الْجَهَلَةِ مِنْ إظْهَارِ التَّنَدُّمِ عَلَى السَّفَرِ وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ.
وَقَوْلُهُ لِغَيْرِهِ احْذَرْ أَنْ تَعُودَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَهَذَا كُلُّهُ تَعَرُّضٌ لِلْمَقْتِ بَلْ دَلِيلُ عَدَمِ الْقَبُولِ وَالْمَقْتِ فِي الْحَالِ. وَإِذَا أَشْرَفَ عَلَى بَلَدِهِ حَرَّكَ دَابَّتَهُ وَيَقُولُ: آيِبُونَ أَيْضًا إلَخْ.
وَرَوَى النَّسَائِيّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَرَ قَرْيَةً يُرِيدُ دُخُولَهَا إلَّا قَالَ حِينَ يَرَاهَا: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ. وَرَبَّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَمَا أَقْلَلْنَ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ، وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا ذَرَيْنَ. فَإِنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِيهَا قَرَارًا وَرِزْقًا حَسَنًا» وَيُرْسِلُ إلَى أَهْلِهِ مَنْ يُخْبِرُهُمْ وَلَا يَبْغَتُهُمْ بِمَجِيئِهِ دَاخِلًا عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ، وَإِذَا دَخَلَهَا بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتُ كَرَاهَةٍ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَنْزِلَهُ وَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَيَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيَشْكُرُهُ مَا أَوْلَاهُ مِنْ إتْمَامِ الْعِبَادَةِ وَالرُّجُوعِ بِالسَّلَامَةِ، وَيُدِيمُ حَمْدَهُ وَشُكْرَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، وَيَجْتَهِدُ فِي مُجَانَبَةِ مَا يُوجِبُ الْإِحْبَاطَ فِي بَاقِي عُمُرِهِ. وَعَلَامَةُ الْحَجِّ الْمَبْرُورِ أَنْ يَعُودَ خَيْرًا مِمَّا كَانَ قَبْلُ.
(قَالَ الْمُصَنِّفُ مَتَّعَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِوُجُودِهِ)
وَهَذَا تَمَامُ مَا يَسَّرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِعَبْدِهِ الضَّعِيفِ مِنْ رُبْعِ الْعِبَادَاتِ. أَسْأَلُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ذَا الْجُودِ الْعَمِيمِ أَنْ يُحَقِّقَ لِي فِيهِ الْإِخْلَاصَ وَيَجْعَلَهُ نَافِعًا لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. إنَّهُ عَلَى كُلِّ مَا يَشَاءُ قَدِيرٌ وَبِالْإِجَابَةِ جَدِيرٌ. وَالْآنَ أَشْرَعُ بَرِيئًا مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ مُفْتَتِحًا كِتَابَ النِّكَاحِ. سَائِلًا مِنْ فَضْلِهِ تَعَالَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيَّ بِخَتْمِ الرُّبْعِ الثَّانِي وَإِكْمَالِ مَقَاصِدِهِ عَلَى وَجْهٍ يَرْضَاهُ وَيَرْضَى بِهِ عَنْ عَبْدِهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ صَاحِبِ الشَّرْعِ الْقَوِيمِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.

[كِتَابُ النِّكَاحِ]
هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِبَادَاتِ حَتَّى إنَّ الِاشْتِغَالَ بِهِ أَفْضَلُ مِنْ التَّخَلِّي عَنْهُ لِمَحْضِ الْعِبَادَةِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَلِذَا أَوْلَاهُ الْعِبَادَاتُ
وَالْجِهَادُ وَإِنْ كَانَ عِبَادَةً إلَّا أَنَّ النِّكَاحَ سَبَبٌ لِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَزِيَادَةٌ فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِوُجُودِ الْمُسْلِمِ وَالْإِسْلَامِ، وَالْجِهَادُ سَبَبٌ لِوُجُودِ الْإِسْلَامِ فَقَطْ، كَذَا قِيلَ. وَالْحَقُّ أَنَّ الْجِهَادَ أَيْضًا سَبَبٌ لَهُمَا إذْ نَقْلُ الْمَوْصُوفِ مِنْ صِفَةٍ إلَى صِفَةٍ: أَعْنِي مِنْ الْكُفْرِ إلَى الْإِسْلَامِ يُصَحِّحُ قَوْلَنَا إنَّهُ سَبَبٌ لِوُجُودِ الْمُسْلِمِ وَالْإِسْلَامِ، فَالْحَقُّ اشْتِرَاكُهُمَا فِي ذَلِكَ لَكِنْ لَا نِسْبَةَ بَيْنَهُمَا فِي تَحْصِيلِ ذَلِكَ، فَإِنَّ مَا يَحْصُلُ بِأَنْكِحَةِ أَفْرَادِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ أَضْعَافُ مَا يَحْصُلُ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الكمال بن الهمام    جلد : 3  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست